إختلفت نظرة المجتمعات إلى المرأة عبر التاريخ إذ نجد شعوبا قد حسمت المسألة و جعلت من حقوق المرأة شيئا بديهيّا و من المساواة بين الجنسين أمرا مسلّما به.وفي المقابل نجد شعوبا طغى على ثقافتها الطّابع الأبوي الذكوري بحيث لا يمكن إلاّ للرّجل قيادة العائلة و الدّولة و الخروج للعمل إلخ...هذه النظرة الدونيّة التي ركّزتها العادات و التقاليد في إطار ما سمّته د/امال قرامي بالتضامن الذكوري ,تبيّن أنّها قد تدعّمت ببعض القراءات الدغمائيّة و المتخلّفة للنّصوص الدينيّة بأن صارت حرّيّة المرأة على المحكّ و إعتبروها من المحرّمات الممنوعات كما هو الحال في جلّ التشريعات الإسلاميّة التي تصدر عن مؤسّسات دينيّة مقرّبة من السّلطة و لا تخدم إلاّ مصالحها الضيّقة
تعتبر هذه التشريعات و الفتاوى التي تعكس تصوّرا رجعيّا للنّمط المجتمعي,المرأة موضوعا جنسيّا فحسب
أي أنّه يتمّ تقزيمها و إختزال شرفها فيما بين فخذيها بغاية تبرير إقصائها و تطويقها
تعترض المرأة جملة من العوائق التي تحول دون تحقيق و إقرار الحرّيّة التّامة و المساواة الكاملة بينها و بين الرّجل فإسمحوا لي بإستعراض أهمّها
العائق الدّيني
لا تمثّل الأديان في حدّ ذاتها عائقا أمام تطوّر منظومة حقوق المرأة بل يمكن إعتبارها عاملا من عوامل تقدّمها و تقدّم المجتمعات و لكن العائق الرّئيسي هو التأويل الأبوي و السّلطوي و المحتكر من قبل فئة الرّجال الشيوخ فقط.تلك التأويلات التي لا ترى مانعا من تشريع التعدّي على المرأة و إعتبارها كائنا ضعيفا و ذلك عبر إصدار سيل من الفتاوى الاتية من ماوراء التاريخ...لغاية وحيدة ألا وهي ضرب كلّ محاولة لإخراج المرأة من غربتها و عزلتها.
العائق السياسي
مع وصول أحزاب إسلاميّة إلى الحكم في كلّ من تونس و مصر و المغرب...أصبح المشهد أكثر تعقيدا ذلك أن ّ هذه الأحزاب تمهّد الطريق لإرساء مقوّمات الدولة الثيوقراطيّة بما لا يخدم المساعي نحو تأسيس دولة الديمقراطية و المواطنة حفاظا و تدعيما لمكتسبات المرأة
لئن إختلفت التيّارات الإسلاميّة فإنّها تتشابه في رفضها للمبادئ العلمانيّة التقدميّة للديمقراطية كمفهوم شامل يكفل حرّية المعتقد و لا يميّز بين مواطن و اخر على أساس جنسي أو عرقي أو ديني.أعتبر هذا الرّفض بداية لعودة إلى الوراء.
العائق الإقتصادي
ترتبط وضعيّة المرأة إرتباطا عميقا ووثيقا بالشأن الإقتصادي ذلك أنّ الموازنات الحاليّة للإقتصاد العالمي هي أيضا تعبير و شكل مغاير للّامساواة إذ غالبا ما نجد أن نسبة الرّجال العاطلين عن العمل أقلّ بكثير من نسبة النّساء العاطلات عن العمل.
كما يمثّل العنف الإقتصادي أحد أبرز أشكال العنف الموجّه ضدّ المرأة بصفته الحاسم في ما يخصّ وضع المرأة و مشاركتها في الحياة العامّة
العائق الإجتماعي أو إشكاليّة العقليّات
لا تتغيّر السلوكات إلاّ بتغيّر العقليّات التي لا تتغيّر بدورها إلاّ بتغيّر السياسات.
لئن إنتفضت شعوب تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا و البحرين...ضدّ أنظمة فاسدة رافيعن شعارات الحرّيّة و الكرامة فإنّ العقليّات بقيت متحجّرة إجمالا الأمر الذي ولّد التطرّف الدّيني و التّعصب الجنسي
هذه العقليّات التي لازالت متشبّثة بثقافة موروثة ترى في المساواة بين الجنسين خطرا داهما على الهويّة الخصوصيّة لكلّ شعب في حين أنّ الحقوق النسويّة تتميّز بكونيّتها و شموليّتها و غالبا ما تثير ردّات فعل عنيفة و متوتّرة مثلما هو الحال عندما يتمّ تناول مواضيع حسّاسة مثل إمامة المرأة للصّلاة أو المساواة في الميراث.
في المسكوت عنه في قضيّة حقوق النّساء
/المرأة ممنوعة من إمامة الصلاة في حين أنّ القران لم يمنعها من ذلك
/المرأة شبه ممنوعة من ممارسة العمل السياسي و خاصّة تحمّل مسؤوليّات
/تكفّر المرأة عندما تمتهن الأدب و تنغمس في كتابة الاثار الأدبيّة مناهضة بذلك القيود الإجتماعية
/تضرب و تعذّب المرأة المثليّة فقط لأنّها مثليّة
/تتعرّض المرأة يوميّا إلى إعتداءات جنسيّة من الغمزة إلى الإعتصاب
/الإعتصاب الزوجي أصبح ظاهرة مستشرية لكن يتمّ تفادي الحديث عنها لأسباب سياسيّة
/منع المرأة من الزواج بغير المسلم
/منع المرأة من تغيير دينها
/منع المرأة من إختيار لباسها بما لايضرّ بالأمن العام كما هو الحال في النّقاب
تساؤلات...معروفة الإجابات
ما الذي أصاب المسلمين كي يصبح دينهم معادلا للرجعية و التشدد؟ ما الذي حصل للمسلمين كي يكتب لهم أن يعيشوا حياتهم كلها تحت أنقاض أولئك الفقهاء الشيوخ؟ "هل أصبح الفقه في علوم الدين في العالم العربي و الإسلامي يقاس بطول اللحية؟" على حد تعبير د.الطالبي.هل يستحق المسلم كل ذلك التحجر في تأويل ايات القران الحكيم؟ هل إن قدر المسلم هو أن يجد نفسه مخيرا بين شيئين لا ثالث لهما فإما أن يتخلى عن دينه-على حريته في ذلك-و إما أن يتدين تدين الإسلاميين؟ أليس الإسلام إسلام الوسطية و الإعتدال؟ ألم يأت ديننا الحنيف للقطع مع الجهل و الإستبداد بشتى أشكااله؟ أليس كل مسلم هو إمام على نفسه؟ أم إن شيوخنا هم أدرى بأمورنا من أنفسنا؟ ألم يحن بعد الوقت لمصارحة بعضنا البعض و كشف الحقيقة؟ ألم ينته بعد زمن التأويل المتحجر للنص القراني؟ أليس من حقنا تدعيم ما بدأه بعض العلماء من عقلنة و تجديد و تنوير؟ كيف لا و قد أسس الأساتذة التي ذكرهم و غيرهم مدرسة التجديد في الفكر الإسلامي...محمد الطالبي و يوسف الصديق و عبد المجيد الشرفي و ألفة يوسف و امال قرامي و إقبال غربي و سلوى شرفي...تساؤلات معروفة الإجابات لا محالة...
خاتمة
أعتقد جازما بأنّ الوضع العامّ للمرأة حول العالم هو وضع مريب و يبعث على الخوف...لسيّما عندما نتذكّر بأنّنا فد تجاوزنا العام 2011...فإلى متى سيظلّ الدّفاع عن حقوق المرأة من أولويّاتنا؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire