قام صباح اليوم 29 أوت 2012 وفد من شباب جبنيانة الناشط بالجهة متكون أساسا من مناضلين ميدانين و ثلة من إتحاد الشباب الشيوعي التونسي و بعض مناضلي حزب العمال، بزيارة ميدانية لمعتمدية الحنشة مساندة لأهلها الذين عاشوا ألوانا من الترهيب و الرعب من بوليس لعريض و ميليشيات جهاز النهضة الحاكم و على اثر الإضراب العام الناجح الذي كان من المفترض أن يكون مفتوحا و لكن الأهالي و الأطر الميدانية الفاعلة بالجهة من الحركة الديمقراطية و الحقوقين و الشباب المنتفض، قرروا تعليقه قصد تنويع أشكال النضال و التحرك. و قد أكد الوفد على الترابط النضالي بين الحنشة و جبنيانة كشرط أساسي لخلق نسيج مقاوم لمشاريع الإستبداد و تم الإتفاق على مشروع " توأمة نضالية " بين الجهتين لتوطيد أصر النضال و توسيع قاعدة التحرك. الحنشة: منطقة صناعية مهمشة، مساحات فلاحية مهملة، بطالة مستفحلة، أي نفس مشاكل الجهات الداخلية للبلاد التي لا زالت تتنفس عفن الفساد الإداري و المؤسساتي لأجهزة الدولة. الشكل الذي أراد الإعلام الرسمي تسويقه بتوجيه من النهضة و ميليشياتها الإعلامية سواء الإفتراضية و أو غيرها ( فعلى سبيل المثال، كانت تصريحات التوهامي درويش، نهضاوي، في الوطنية 7 التي اختارت أن تجري حوارا معه و مع شخص آخر نهضاوي دون غيره و حتى الفريق الصحفي التابع لما سمي -زورا- بالقناة الوطنية كان يتحرك خلف الأمن و بحماية منه )، هو أن الصراع و إندلاع الحركة الإحتجاجية يرجع أساسا إلى الجمعية التنموية و تركيبة النيابة الخصوصية، و هو في حقيقة الأمر ذات الصراع القائم بين النهضة و حزام التجمعين -الذين اختاروا غير موقع النهضة- للسيطرة على مفاصل الدولة و مؤسساتها و خاصة الجمعية التنموية لإستغلالها كرأس مال استباقي لأي عملية إنتخابية قادمة، في حين أن نبض الشارع تحركه وتيرة الإحتقان التي يعيشها مهمشي المنطقة من شباب و نساء و كهول نتيجة لغياب منوال تنموي يخدم مصالح المحرومين منهم و المفقرين و إغرق المنطقة في أزمة البطالة أو التشغيل الهش ( عمال حظائر، مناولة .. ).. الإعلام الرسمي أراد " قرصنة " الحراك النضالي لأبناء و أهالي المدينة و قدم الصراع على أساس أنه صراع حول مفاصل و مؤسسات الدولة؛ غير أن الصراع الحقيقي دائر حو المحاور النضالية من تشغيل و رد إعتبار لهذه المنطقة المهمشة.
فمنذ أكثر من عام، تحرك الأهالي على جملة من المطالب الإجتماعية و التنموية للجهة التي تعاني حرمانا و تهميش كسائر محيطها الجغرافي المفقر أصلا ( أولاد عائشة، أولاد حمد، أولاد يوسف .. )، و لكن السلط المعنية بدئا من حكومة الباجي إلى حكومة النهضة أمعنت في المماطلة و بقيت كل الوعود مجرد حبر على ورق، فحتى نصيب المعتمدية من الميزانية ( 3 % ) لم يتم منه أي شيء يذكر بل و كان توجيهه أساسا لتغيرات سطحية من ترميم البنية التحتية و غيره لا تمس أساسا من جوهر منوال تنموي فعلي يغير واقع الجهة الإقتصادي و الإجتماعي. و في الأثناء، اتفقت مختلف الحساسيات السياسية الفاعلة بالجهة في علاقة بالجمعية التنموية على مبدأ تشكيل هيئة توافقية على قاعدة الكفاءة المحلية، لإعادة ترميم الجمعية التنموية و تطعيم النيابة الخصوصية، و لكن بعد الإنتخابات رفضت النهضة مشروع الوفاق و أرادت الإستئثار بأغلب المؤسسات كمنطق غنيمة الإنتخابات ( تطبيق نتائج الإنتخابات على توزيع مقاعد النيابة مثلا ). و لئن إحتدم الصراع منذ فترة، و بعد التشاور على فتح الباب للانخراطات و إجراء إنتخابات نزيهة، باغتت النهضة الجميع و تم إنجاز المؤتمر الأول للجمعية ب 104 منخرط فقط ( اشترتهم النهضة كلهم و وزعتهم على مواليها ) ليتم إبطال المؤتمر و افشال اشغاله و نتائجه من قبل مناضلي الجهة و حرائر الحنشة و الحركة الديمقراطية من احزاب يسار و قوميين.. ثم، حولت النهضة فرض المؤتمر مرة أخرى بالعنف، بحضور قوة البوليس و عسكرة مقر الجمعية، مما تتسبب مباشرة في إندلاع المواجهات بين الأهالي و قوات لعريض و تم على اثرها عمليات المداهمة و الإعتقال العشوائية لإبناء الجهة و مناضليها.. فكانت إنتفاضة المدينة على سياسات الحزب الحاكم التغولية و آلتها القمعية التي ضلت وفية لإرث بن علي، و تم إعلان إضراب بتاريخ 28 أوت 2012 كلل بالنجاح، بعد الوقفة الإحتجاجية من أمام مقر الولاية بصفاقس بتاريخ 27 أوت 2012 حيث رفض الوالي مقابلة وفد من مواطني الحنشة و هددهم اياهم بإحالة الموقوفين على المحاكمة و تسليط أشد العقوبات عليهم و خاصة زهير الغربي الذي عرف بنشاطه الميداني المكثف و نضالاته المستميتة لأجل تغيير واقع المدينة. و لكن لوحظ تواجد وجوه كانت فاعلة في التجمع التي أردت تدجين الحراك و دفعه نحو مواجهة مباشرة ضد النهضة فقط للسيطرة على مؤسسات الدولة و مفاصلها بالجهة، و هذا ما تفطن له احرار الحنشة الذين لفظوهم مؤكدين على أن النهضة و التجمع وجهان لعملة واحدة لا غير و أن بوصلة الصراع الحقيقي تكون على محاور الخيارات الإجتماعية و البديل الإقتصادي الذي يؤسس لكرامة المواطن العادي و يحفض حقه في العيش الكريم، و كلما تجولنا في أرجاء المدينة، إلا و أهاليها يؤكدون لنا بصريح العبارة: قوادة الأمس، هم نفسهم اليوم مع لحية و آثار طابع الثوم على الجبين. فكانت الشعارات واضحة:
يا مواطن يا مسكين كذبوا عليك باسم الدين
شغل حرية كرامة وطنية
شادين شادين في سراح المساجين
و رغم ضغط الشارع و مكونات الحركة الديمقراطية التقدمية و الجهات المجاورة، لا زال هنالك 5 موقوفين على ثمة التحقيق ومعهم وهم مهددين بأقصى العقوبات:زهير الغربي ( أصل مدينة الحنشة، ناشط ميداني، مناضل في في الحزب الوطني الإشتراكي الثوري، سليل العائلة الوطنية الدمقراطية ) محمد علي السلامي : ( أصيل مدينة الحنشة، نسبت إليه تهمة صنع المولوتوف )رضا الداهش ( أصيل عمادة أولاد عائشة، التابعة إداريا للحنشة، نسبت إليه كذلك تهمة صنع المولوتوف )سليم الملوح ( شاب من أولاد حمد، مجاورة لمدينة الحنشة و عمادة تابعة لها إداريا ) أحمد مبارك ( أصيل مدينة الحنشة )
السلطة إذا، أرادت تعطيل الحراك الإجتماعي بتصعيد عمليات القمع و الإعتقال لإرجاع الحراك إلى مربع ضيق ( المطالبة بإطلاق سراح الموقوفين ) و وأد فتيل النضال الإجتماعي في المهد و هو ما دفع الأهالي و مكونات الحركة الديمقراطية بالجهة بالرغم من غياب التقاليد السياسية و النقابية بالجهة ( اليسار، في بعض احزابه المناضلة و نشطائه الميدانين من حزب عمال، بعثين، قومين، مناضلي العائلة الوطنية الديمقراطية بمختلف تفريعاتها ) إلى تكوين تنسيقية لتأطير الحراك الدائر بالجهة و نجحت مع أبناء الجهة من الشباب من تأطير حراك الشارع، و رغم تكالب الوالي و غيره من السلط المعنية - بعد الإجماع الشعبي الكبير حول الحراك الذي صار بالمدينة - للتفاوض معهم قصد " تهدئة الأوضاع " ، فإنهم ( أي التنسيقية و الأهالي ) رفضوا رفضها قاطعاو اشترطوا إطلاق سراح الموقوفين و إيقاف التتبعات العدلية ضد أبناء الجهة كشرط أدنى و أساسي و أولي قبل خوض أي حوار.
إن المتمعن في الحراك الجاري بالحنشة لا تغيب على ذهنه إحداث مقارنة مع الرديف 2008, فكل هذا الغضب و محاولة عقاب المدينة لأنها انتفضت ضد التغول الحزبي و تحركت على محاور النضال الإجتماعي ضد كل أشكال التهميش و التفقير، اعطت دروسا لآلة القمع و طورت أساليب الدفاع المدنية و المواجهات و الكر و الفر و أكدت و لا تزال تؤكد على النضال مستمر باستمرار سياسات الإستبداد القديمة و المستحدثة تحت أي غلاف كان.. كما أكدت على أن الذكاء الإجتماعي و حراك الشارع يولد
طاقات محاربة لها من الوعي ما يمكنها من إكتساب مناعة ضد كل أشكال الدمغجة و الاحتواء..
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire